أعلنت منشورات رامينا في لندن عن صدور أول ترجمات إلى اللغة الكردية من الأدب العُماني، وذلك عبر روايتين تُعدّان من أبرز أعمال السرد العُماني المعاصر وهما: "بدون" للروائي يونس الأخزمي، والتي ترجمها إلى الكردية ياسين حسين، و"الطواف حيث الجمر" للروائية بدرية الشحي، والتي أنجزت ترجمتها فدوى درويش.

ويأتي الإعلان عن إنجاز الترجمتين بالتزامن مع انطلاق دورتي معرضي مسقط وأبوظبي الدوليين للكتاب، في سياق يشهد تزايد الاهتمام بالآداب الخليجية وموقعها ضمن المشهد العربي العامّ.

وتُعدّ هذه المبادرة سابقة ثقافية هي الأولى في تاريخ الترجمة بين اللغتين الكردية والعربية في مجال الأدب العُماني، وتأتي تتويجاً لمسار من الانفتاح الأدبي بين ضفتين نادرتي التقاطع رغم تشابه الحساسيات الإبداعية فيهما.

رواية "الطواف حيث الجمر": سرد من قلب التاريخ

في رواية "الطواف حيث الجمر"، تعيد الروائية بدرية الشحي قراءة مرحلة الوجود العُماني في زنجبار من خلال شخصية "زهرة"، التي تغادر قريتها الجبلية نحو أفريقيا في رحلة تتداخل فيها تحولات الجسد والمكان والمصير. تسجّل الرواية عبر سرد مشحون وبناء شخصيّات مركبة، حضوراً لافتاً في المشهد الروائي العُماني منذ صدورها الأول، وها هي تُنقل للمرة الأولى إلى الكردية.

المترجمة فدوى درويش أكدت أن "الطواف حيث الجمر" تنتمي إلى الروايات التي تحتفظ بخصوصيتها المحلية دون أن تفقد طاقتها على العبور إلى قارئ مختلف اللغة والثقافة، مشيرة إلى أن الترجمة "كانت عملاً يتطلب دقة مضاعفة للحفاظ على روح النص وتاريخه وشخصياته".

رواية "بدون": جسد يحكي، وهوية تتشكل

تقدّم رواية "بدون" مقاربة سردية جريئة لموضوع الهوية الجندرية، عبر سيرة "عُلا" التي تخوض رحلة تحوّل جسدي ونفسي من أنثى إلى ذكر، في سياق اجتماعي محافظ. يتحرّك النص بين الخبر واليمن ولندن، راسماً لوحة إنسانية معقدة تتشابك فيها ثيمات الاغتراب، والانتماء، والبحث عن الذات.

المترجم ياسين حسين أشار إلى أن الرواية مكّنته من نقل تجربة إنسانية معقّدة إلى اللغة الكردية دون الإخلال بحساسيتها. واعتبر أن قوة النص تكمن في قدرته على التعبير عن قلق الهوية داخل المجتمعات التي تراقب المختلف من وراء أقنعة متعدّدة. وأضاف إن الرواية "تمثل تحدياً سردياً ولغوياً استثنائياً، وهي من النصوص التي تفتح أفقاً جديداً لفهم بنية الهوية من داخل التجربة الخليجية".

تأتي هذه المبادرة ضمن رؤية استراتيجية تتبناها منشورات رامينا لترجمة نصوص عربية مختارة إلى اللغة الكردية، وتهدف هذه الرؤية إلى بناء مكتبة أدبية كردية معاصرة تضم أعمالاً روائية وفكرية وشعرية تتّسم بالتماسك الفني وعمق التجربة.

وفي تصريح خاص، أشار المدير العام لمنشورات رامينا هيثم حسين إلى أن "اختيار الروايتين جاء بعد بحث مطوّل في مسارات السرد العُماني، حيث بدا واضحًا أن كلا العملين يقدّمان إمكانات عالية للعبور نحو القارئ الكردي، سواء على مستوى التجربة الإنسانية أو البنية الجمالية". وأضاف أن "رامينا تسعى إلى فتح آفاق جديدة للترجمة من العربية، واختيار النصوص التي تنطوي على حساسية لغوية وفكرية تتناسب مع المتلقي الكردي اليوم".

تمثل هاتان الترجمتان أول حضور رسمي للأدب العُماني في المكتبة الكردية، سواء على مستوى النشر الورقي أو التداول العام، ما يجعل من هذه الخطوة إضافة ذات طابع تاريخي. ويفتح هذا الحدث الباب أمام مؤسسات النشر في العالمين العربي والكردي للتفكير في مشاريع تعاون مماثلة، تسهم في إثراء المشهد الأدبي وتوسيع دوائر القراءة بين الثقافات المتجاورة.

وأكد بيان الدار أن هذه الخطوة  إضافة لمكتبة الترجمة الكردية، كما أنّها "إشارة واضحة إلى أهمية بناء مسارات جديدة في التبادل الثقافي، تقوم على الاختيار الدقيق للنصوص التي تعكس حيوية الآداب العربية وتنوعها".

ومن المأمول أن تباشر منشورات رامينا بتوزيع النسخ في المكتبات الكردية داخل العراق وتركيا وسوريا وأوروبا، كما تعمل على ترويج الطبعتين خلال مشاركتها في معارض الكتب المحلية والدولية.

الكاتب

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

الاشتراك في نشرتنا البريدية