I
الإيروسية إقرارُ الحياة حتى الموت
جورج باتاي
هذا الحبّ يتوهّجُ كصرخة الصمتِ في مجده الوثني
ثمّة أشياء متناثرة في الغرفة الصغيرة تتوه في فتنةِ غوايتِكْ.
الضجيج الأرعن للرّغبةِ في عَينيكِ يزيحُ عن غَبْطةِ الموج رتاجَ الرّتابة
تحتدمُ عواصفُ أرجوانية في هوامش ظلالِكْ،
يَتَقِدُ قلبُ أنثى الوشق، كما لو أنَّ السّماءَ تنكمشُ في وثبةٍ:
إنّها رائحةُ ميس ديورMiss Dior توقظُ وردةَ الليل من عتمتها، تخطفُ اللهفةَ إلى قمرين متوثّبين في أعالي الحقل، ليأتِي الوقتُ يانعاً بنبيذ عينيك!
سطوةُ شَفتيكِ، نزواتُها، تحتَ طائلةِ رموش غائمة، تضطرمُ بمكرٍ وشراسة.
جسدُكِ مرايا الغامض:
جسدُكِ الذي يشرقُ في غبار الشّهوة زهرةَ لوتس بين يديه
جسدُكِ الذي يبتكرُ لغةً من ضباب وغمام، ريح ومطر
جسدُكِ المقدود من رخام أبيض يموسق إيقاع الأفق مع نهدي الأرض
على حافّةِ الّليل جسدان من صلصال حيثُ يقنصُ الحبُّ طرائدَ الزمن...
جسدان حين تأتلقُ الكينونة حتّى الفاجعة...
جسدان حتى تكتظُ الجدران بالعدم...
في هذا المساء ــ المتاهة روائح الحرمل المتوحشة تجتاحُ تلك الصّحراء الفاصلة في امتدادها بيننا...
II
بحذرٍ
من مَغبّةِ غوايةِ مياهِها الخضراء،
تتنزّهُ الجميلةُ وحيدةً على ضِفَافِ القصيدةِ،
تتلو شَذْرةً قصيرةً على شغبِ الموْج بلذةٍ كَما لو أنّها "حبةُ شوكولاه
مع القهوةِ الصّباحية المرّة"
يكتبُ لها:
"المفاجآت مثل القصيدة تباغتُ الشُّعراء في منعطفِ الغفلة"!
"إنها طرفةُ عين السّماء تأخذنا إلى سرب من الأحلام!"
هكذا تفتحُ له قلبها مدينةً بمحاذاةِ نهرٍ...
بأناملها الرشيقة توقدُ بعضَ الأسرار، تصقلُ الكلامَ بزرقة العقيقِ،
ثم تتأمّلُ الليلَ الحميمَ مطعوناً بقمر ملتبس!
III
مصوغةٌ من سرابِ التخوم
متألقةٌ كالنسيان
بضحكتكِ الضاربةِ إلى نضارة العنب في نداوةِ الصباح.
أيتها المتاهة،
أيتها الممراتُ المتشعّبةُ التي لا تبدّدُ غموضَهَا
أيتها البلادُ الذّهبيةُ ـ الكستناءُ المضاءةُ بحكمةِ الجنون
أيتها الحكمةُ الممزوجةُ بوصايا النبيذ
أنتِ البلادُ التي تمرُّ من رمادٍ إلى رمادْ
أنتِ البلادُ التي أنتظرُها نجمةً في ليلِ اللغة!
***
هكذا هي شؤونكِ في الحب:
إيغالٌ في المجازفة!
كما لو أنّ القلبَ لا يجدُ إلا في العبور نحو النُّجوم مفرّاً؛
ليقطفَ الحبُّ وردةَ الأبدية!
لم تكنِ عيناك إلا بلادَاً يعبرُ إليها طائرٌ تائه،
لم تكن روحُكِ سوى ترنيمةٍ تطاردُ السّرابَ لاصطيادِ يَقيْنَهَا الحائر،
هذا الجمالُ الذي يُبَادِهُ الأًلفةَ مثل احتمالٍ مرتقبٍ، كموانىءَ بعيدةٍ لم يَطأْهَا العَابرون،
كزهراتِ توليبٍ تتفتّحُ في هدوءٍ صباحيٍّ بين الفتنةِ والمجاز!
إذ تغيبُ يداكِ بين يديّ، غيماتُ ظلالكِ في ظلالي،
تقترفُ الآهةُ ضفةً تحتفي بنهرِهَا.
***
سادرٌ في غَيّهِ
غيابُكِ الذي لا يُشْبِهُ أيَّ غيابٍ،
يتفتّحُ السَّأمُ ورودَ رمادٍ على عَتَباتِ المساءِ المنهكة...
بالمجاز ذهباً، بأوهامها اللذيذة حيث يركنُ قلقُ المساءات
تستعيدُ اللغةُ أصابعَكِ الطافحةَ بجمالٍ حيثُ ينتعشُ الغَامِضُ بزهوٍ!
IV
أُسَمّيْكِ أرضَ السّحر،
الغابةَ التي تلوذُ بها زنابقُ الشِّعر،
قصيدةٌ تختبىءُ في أَجَمَةِ شعركِ الأخّاذة حيثُ عناقُ الشّمس والرّيح
أُخرى بعينين نَاعِسَتين تتخذُ من ظِلَالِ رموشكِ مأوىً لها من أَحْقَادِ الحروب
يا أرضَ السِّحر!
يا أرضَ الوَسَن!
يا شهقةَ النّرْجس!
يا عذوبةَ ناي الرُّعاةِ في عشياتِ زُوْزَانْ!Zozan
أيتها الطيورُــ القصائد
أيتها الإيماءةُ الغَامضةُ، الناعمةُ حريراً برهافةِ طياته،
الابتسامةُ التي تقترفُ وردةً في أَصِيْلِ الغِوَاية، الكلمةُ التي تجرحُهَا بالكادِ شَفتاك،
العبثُ الذي ينتهكُ غطرسةَ الكمال، نارُ المجوس المقدّسة، شظيةُ حلمٍ تتدحرجُ بين سَماءٍ تنحدرُ إلى عَينيكِ وبحرٍ يحيطُ بخصرك!
أَبْحَثُ عنكِ فيتبدّدُ الألم!
V
هذه الابتسامةُ
في رِقّتِهَا،
زهرةُ الغاردينيا التي تتفتّحُ على ثغرك،
تأتي بالينابيع طيشاً إلى القَلب!
عيناكِ المسافرتان في قصيدةٍ طويلة،
كتفاكِ في استدارتهما تبعثرُان غَمَاماتِ الملل عن وجه النَّهار،
سطوة الرخامُ، "الفتنة المريعة"، عنقُكِ السّاطعُ يَطْعَنُ كبرياءَ السيوف لمعةً!
ثمّ إنها يدُكِ الرقيقةُ تسندُ العَالمَ من الانهيار
ثمّ ها هو قوسُ الأُفق:
حيثُ تترنّمُ شجرةُ النّخيل بأَنْغَام الأبدية...
0 تعليقات