تمكّن المنتخب المغربي للشباب من الظفر بلقب بطولة كأس العالم تحت 20 سنة المقامة حالياً في تشيلي على حساب المنتخب الأرجنتيني بعد فوزه بثنائية نظيفة على ملعب ناسيونال خوليو مارتينيز برادانوس، بعد مباراة بطولية أظهر فيها المنتخب المغربي شخصية قوية وعزيمة صلبة أمام أحد أبرز المرشحين وصاحب الرقم القياسي في عدد مرات التتويج.

ودخل مدرب المنتخب المغربي محمد وهبي المباراة بتشكيلة متوازنة بين الدفاع والهجوم، وأثمرت خطته التكتيكية عن تسجيل الهدف الأول من ضربة ثابتة متقنة في الدقيقة 12 عن طريق مهاجم فاماليكاو البرتغالي ياسر الزبيري، قبل أن يضيف هدفه الثاني في الدقيقة 29 من تمريرة عرضية داخل منطقة الجزاء من اللاعب عثمان ماعما، وبذلك رفع الزبيري رصيده من الأهداف في البطولة إلى خمسة أهداف جعلته متصدراً قائمة هدافي البطولة مناصفةً مع الأميركي بنجامين كريماشي والكولومبي نيسير فياريال والفرنسي لوكا ميشال.

وبهذا الفوز، يصبح المغرب أول منتخب عربي يتوج باللقب، كما أصبح ثاني منتخب إفريقي يحرز اللقب بعد غانا بنسخة 2009 على حساب البرازيل، في إنجاز يعدّ تتويجاً لسلسلة إنجازات كروية حققتها المغرب في السنوات الأخيرة، بعد بلوغ المنتخب الأول نصف نهائي كأس العالم قطر 2022، ثم إحراز الميدالية البرونزية في أولمبياد باريس 2024.

استهل المنتخب المغربي مشواره في البطولة بفوزه بثنائية نظيفة على المنتخب الإسباني، ثم على المنتخب البرازيلي بهدفين لواحد قبل أن يخسر المباراة الثالثة أمام المكسيك بهدف وحيد في مرحلة المجموعات. والتقى المنتخب المغربي في الدور ثمن النهائي بالمنتخب الكوري الجنوبي ففاز عليه بهدفين لهدف بعد مباراة متكافئة، ثم انتصر على المنتخب الأميركي في ربع النهائي بثلاثة أهداف لهدف. وفي نصف النهائي، واجه أشبال الأطلس المنتخب الفرنسي القوي، ووقف نداً له طوال المباراة التي حسمها المغرب لصالحه بضربات الترجيح بعد التعادل الإيجابي بهدف لمثله في الوقتين الأصلي والإضافي.

يأتي هذا الإنجاز الاستثنائي بناءً على ما حققته المغرب من قفزات نوعية في المجال الرياضي، حيث استطاع منتخب الشباب الوصول إلى نصف نهائي كأس العالم تحت 20 عاماً في هولندا عام 2005، وعملت الحكومة المغربية على تطوير كرة القدم، وذلك باتباع منهجية علمية تقوم على اكتشاف المواهب وتطويرها من خلال أكاديمية محمد السادس لكرة القدم التي تأسست عام 2010 وتهدف إلى توفير التعليم والتدريب والتوجيه للاعبي كرة القدم الصغار.

وبهذا الإنجاز، يحتفي كل شخص من المحيط إلى الخليج بفوز أشبال الأطلس، فما حققوه كان حلماً بعيد المنال بالنسبة للجميع، في دليل حيّ على ما يمكن أن تصنعه الإرادة حين تُرافقها الرؤية والتخطيط، فالفوز بكأس العالم للشباب ما هو إلا ثمرة سنوات من العمل والمثابرة والبرامج التي آمنت بأن بناء الإنسان هو الطريق إلى تحقيق الحلم.

أثبت المغرب بهذا اللقب أن الحجم الجغرافي والإمكانيات المادية ليست عاملاً حاسماً في إمكانية تحقيق الإنجازات العظيمة، وسلّطت الضوء على أهمية ما تملكه الدول من عزيمة وقدرة على التنظيم والاستثمار في طاقاتها الشابة، وزرعت بذلك قناعة مطلقة مفادها أن العمل الجاد والصادق لا بدّ أن يؤتي ثماره ولو بعد حين، في رسالة عميقة إلى جميع شعوب المنطقة التي عانت وتعاني من ويلات الحرب والفقر والحاجة، فالمستحيل يصبح ممكناً عندما تتضافر الجهود، وتوضع الخطط السليمة، ويُولّى المتخصصون في مجالاتهم، ويكون الإخلاص في العمل منطلقاً ثابتاً لا يتغير.


مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

الاشتراك في نشرتنا البريدية